يعبر العمل في جمع المصطلحات العربية والإسلامية نحو مرسى جديد وشاطئ فسيح بواسطة "سفينة الراغب ودفينة المطالب"، وهي بمثابة سفينة للعلوم العربية والإسلامية جاءت على هيئة موضوعات. وقد باينت بصفتها موسوعة علوم، نظيراتها "كمفتاح السعادة" و"جامع العلوم" و"كشاف اصطلاحات الفنون". وأدّت دورها الموسوعي تحت راية الموضوعات فلم ترتكز على إيراد المصطلح اللفظي كما لم تنطلق انطلاقة العلوم وجمعها، بل ارتكزت إلى مفاهيم ومضامين دبّجتها بعناوين وجمل اختصرت فيها أغراض المضمون المنوي البحث فيه. وأحياناً أوردت مسائل وعناوين رسائل وصحائف لكبار علماء المسلمين. كرسالة "عبد الحميد الكاتب" وكتاب "طاهر بن الحسين لابنه" و"مناظرة الأكمل" و"مسائل نافع بن الأزرق" و"الرسالة القدسية للغزالي". وعرضت كتباً صغيرة "كنشر الطوالع وحكايات وقصصاً مثل: حكاية "ظالم بن سراق" و"هدية بن الحشرم" و"قصة رتن الهندي". أما موضوعاتها فتناولت مواضيع كبرى تتعلق بالقرآن وتفسير بعض آياته، والحديث وبعض أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وسميت بمثل ما تناولت موضوعات لغوية، كالاشتقاق واسم الجنس ومعاني بينا وبينما والوضع والدليل الخ.

وعالجت مسائل أدبية كالاستعارة والتشبيه. وتعرضت لمسائل كلامية وعقائدية أمثال التوحيد والإيمان والتأويل والمتشابه والقضاء والقدر والجبر والاختيار والفعل والصفة والحسن والقبح. وعرضت لبعض الفرق الكلامية فعرّفت بها. وأوردت سفينة الراغب مواضع في أصول الفقه والفقه كالعام والخاص وإشارة النص والدعاء. وسردت مواضيع في التصوف ومفاهيم كالحضرات الخمس والولاية والنبوة والحلول والاتحاد ووحدة الوجود وغيرها. ولم تقصر السفينة عن موضوعات الحكمة والمنطق والعلوم فأبرزت مفاهيم وتحليلات للهيولي والطبع والمعاد والزمان ومراتب الموجودات وعالم المثال التمييز بين الروح والنفس والعقل وحقيقة الرؤيا، بمثل ما عالجت بعض علوم الحساب والموسيقى ومساحة الأرض وكائنات الجو وسلامة النطفة والأسنان والتعريف بعلم الطلسمات والسيمياء والفلاحة وخواص النبات. ولم يفت موضوعات السفينة بعض مسائل التاريخ، فذكرت بعض المفاهيم التاريخية وشيئاً من النوادر والقصص الصغيرة والطريفة.

لهذا كله استحقت بجمعها نبذاً عن العلوم العربية والسلامية اسم موسوعة الموضوعات. هذا وقد أرسل صاحب الصفينة الراغب موضوعاته هذه إرسالاً من عفو خاطره، وبحسب ما سار قلمه من غير ضابط تصنيفي أو توزيع تقسيمي، فجاءت عناوينه من غير نظم، إذ اختلط الاختصاص بها. أما اختيار تسمية هذه المضامين في السفينة (موضوعات) فمرده طريقة ورودها، إذ هي لم تأتي بصيغة الاصطلاح: الكلمة المفردة واللفظة المحددة. كما لم تضع تحت بند علم من العلوم. أما بالنسبة لموضوعات السفينة وترتيبها فإنه ولما كان يستحيل ترتيب هذه الموضوعات تبعاً للنظام الألفبائي، لما أرسله الراغب في عناوينه للموضوعات في جمل صغيرة أو كبيرة بشكل عفوي، وجاء بعضه على شيء من التطويل وبعضه يبدأ مثلاً بكلمة شرح شرح الخ. أو كلمى معنى معنى...

تمّ تنظيم هذه الموضوعات بحسب تقسيم تصنيفي يحاكي تصنيف "ديوي" للعلوم في ضبط موضوعات المراجع والكتب والمحفوظات ويقاربه، لكنه يفصّل ويفرّع بما يخص موضوعات الفكر العربي والإسلامي. وبهذا التقسيم التصنيفي تم توزيع الموضوعات على العلوم بحسب الترتيب التالي للعلوم: أولاً: علوم القرآن والتفسير، ثانياً: علوم الحديث والسيرة. ثالثاً: علوم اللغة والأدب، رابعاً: العلوم الإسلامية (كلام، فقه وأصوله، تصوف)، خامساً: العلوم العقلية والحكمية، سادساً العلوم الطبيعية والطبية والفنون، سابعاً: التاريخ والسير، ومن ثم تمّ إدراج كل موضوع تحت فصل علمه، وجاءت الموضوعات متسلسلة بحسب أهميتها أو أسبقيتها التاريخية.